فصل: 2186- باب فِي فَضْلِ مَكّة

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تحفة الأحوذي شرح جامع الترمذي للمباركفوري ***


2186- باب فِي فَضْلِ مَكّة

4091- حَدّثَنَا قُتَيْبَةُ، أَخبرنا اللّيْثُ، عن عُقَيْلٍ، عن الزّهْرِيّ عن أَبي سَلَمَةَ عن عَبْدِ اللّهِ بنِ عَدِيّ بنِ حَمْرَاءَ الزهري قَالَ‏:‏ ‏"‏رَأَيْتُ رسولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم وَاقِفاً عَلَى الْحَزْورَةِ، فَقَالَ‏:‏ وَاللّهِ إِنّك لَخَيْرُ أَرْضِ اللّهِ، وَأَحَبّ أَرْضِ اللّهِ إِلَى اللّهِ‏.‏ وَلَوْلاَ أَنّي أُخْرِجْتُ مِنْكِ مَا خَرَجْتُ‏"‏‏.‏

قال أبو عيسى‏:‏ هَذا حديثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ صحيحٌ‏.‏ وَقَدْ رَوَاهُ يُونُسُ عن الزّهْرِيّ نَحْوَهُ، وَرَوَاهُ مُحمّدُ بنُ عَمْروٍ عن أَبي سَلَمَةَ عن أَبي هُرَيْرَةَ عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم‏.‏ وَحَدِيثُ الزّهْرِيّ عن أَبي سَلَمَةَ عن عَبْدِ اللّهِ بنِ عَدِيّ بنِ حَمْرَاءَ عِنْدِي أَصَحّ‏.‏

4092- حَدّثَنَا مُحمّدُ بنُ مُوسَى الْبَصْرِيّ، حدثنا الْفُضَيْلُ بنُ سُلَيْمَانَ عن عَبْدِ اللّهِ بنِ عُثْمَانَ بنِ خُثَيْمٍ، أخبرنا سَعِيدُ بنُ جُبَيْرٍ وَأَبُو الطّفَيْلِ عن ابنِ عَبّاسٍ قالَ‏:‏ قال رسولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم لِمَكّةَ‏:‏ ‏"‏مَا أَطْيَبَكِ مِنْ بَلِدٍ وَأَحَبّكِ إِلَيّ، وَلَوْلاَ أَنّ قَوْمِي أَخْرَجُونِي مِنْكِ مَا سَكَنْتُ غَيْرَكِ‏"‏‏.‏

قال أبو عيسى‏:‏ هَذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ‏.‏

- قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا الليث‏)‏ هو ابن سعد ‏(‏عن عقيل‏)‏ بضم العين ‏(‏عن أبي سلمة‏)‏ بن عبد الرحمن بن عوف ‏(‏عن عبد الله بن عدي بن حمراء‏)‏ الزهري قيل إنه ثقفي حالف بني زهرة صحابي له حديث في فضل مكة قاله الحافظ في التقريب‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏واقفاً على الحزورة‏)‏ بالحاء المهملة والزاي، قال الطيبي‏:‏ على وزن القسورة موضع بمكة وبعضهم شددها والحزورة في الأصل بمعنى التل الصغير سميت بذلك لأنه كان هناك تل صغير، وقيل لأن وكيع بن سلمة بن زهير بن إياد كان ولي أمر البيت بعد جرهم فبنى صرحاً كان هناك وجعل فيها أمة يقال لها حزورة فسميت حزورة مكة بها انتهى، ‏(‏فقال‏)‏ أي مخاطباً للكعبة وما حولها من حرمها ‏(‏ولولا أني أخرجت منك‏)‏ أي بأمر من الله ‏(‏ما خرجت‏)‏ فيه دلالة على أنه لا ينبغي للمؤمن أن يخرج من مكة إلا أن يخرج منها حقيقة أو حكماً وهو الضرورة الدينية أو الدنيوية‏.‏ قال القاري‏:‏ وأما خبر الطبراني‏:‏ المدينة خير من مكة فضعيف بل منكر واه كما قاله الذهبي، وعلى تقدير صحته يكون محمولاً على زمانه لكثرة الفوائد في حضرته وملازمة خدمته، لأن شرف المدينة ليس بذاته بل بوجوده عليه الصلاة والسلام فيه ونزوله مع بركاته، وأيضاً نفس المدينة ليس أفضل من مكة اتفاقاً إذ لا تضاعف فيه أصلاً بل المضاعفة في المسجدين‏.‏ ففي الحديث الصحيح الذي قال الحفاظ على شرط الشيخين‏:‏ ‏"‏صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة في غيره من المساجد إلا المسجد الحرام، صلاة في المسجد الحرام أفضل من الصلاة في مسجدي هذا بمائة ألف صلاة‏"‏‏.‏ وصح عن ابن عمر موقوفاً وهو في حكم المرفوع لأنه لا يقال مثله بالرأي‏:‏ ‏"‏صلاة واحدة بالمسجد الحرام أفضل من مائة ألف صلاة بمسجد النبيصلى الله عليه وسلم‏"‏ انتهى‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏هذا حديث حسن غريب صحيح‏)‏ وأخرجه أحمد والنسائي وابن ماجه ‏(‏وحديث الزهري عن أبي سلمة عن عبد الله بن عدي بن حمراء عندي أصح‏)‏ لأن الزهري أحفظ وأوثق من محمد بن عمرو، ومحمد بن عمر وهذا هو ابن علقمة بن وقاص الليثي روى عن أبيه وأبي سلمة بن عبد الرحمن وغيرهما صدوق له أوهام‏.‏

قلت‏:‏ روى هذا الحديث أيضاً الزهري عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة ففي مسند أحمد حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا عبد الرزاق حدثنا معمر عن الزهري عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة قال‏:‏ وقف النبي صلى الله عليه وسلم على الحزورة فقال‏:‏ ‏"‏علمت أنك خير أرض الله‏"‏ الحديث، فالظاهر أن كلا الحديثين صحيحان وليس أحدهما أصح من الاَخر‏.‏

- قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا محمد بن موسى البشري‏)‏ الحرشي ‏(‏أخبرنا الفضيل بن سليمان‏)‏ النميري أبو سليمان البصري صدوق له خطأ كثير من الثامنة ‏(‏وأبو الطفيل‏)‏ اسمه عامر بن وائلة الليثي‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمكة‏)‏ أي خطاباً لها حين وداعها وذلك يوم فتح مكة ‏(‏ما أطيبك من بلد‏)‏ صيغة تعجب ‏(‏وأحبك إلي‏)‏ عطف عليه والأولى بالنسبة إلى حد ذاتها أو للإطلاق والثانية للتخصيص ‏(‏ولولا أن قومي أخرجوني‏)‏ أي صاروا سبباً لخروجي ‏(‏ما سكنت غيرك‏)‏ هذا دليل للجمهور على أن مكة أفضل من المدينة خلافاً للإمام مالك رحمه الله، وقد صنف السيوطي رسالة في هذه المسألة‏.‏

2187- باب مناقب فِي فَضْلِ الْعَرَب

بالتحريك اسم لهذا الجيل المعروف من الناس ولا واحد له من لفظه وسواء أقام بالبادية أو المدن والنسبة إليه عربي قاله في النهاية‏.‏ وقال في القاموس‏:‏ العرب بالضم وبالتحريك خلاف العجم مؤنث وهم سكان الأمصار أو أعم والأعراب منهم سكان البادية لا واحد له

4093- حَدّثَنَا مُحمّدُ بنُ يَحْيَـى الأزْدِيّ وَأَحْمَدُ بنُ مَنِيعٍ وَغَيْرُ وَاحِدٍ، قَالُوا‏:‏ حدثنا أَبُو بَدْرٍ شُجَاعُ بنُ الْوَلِيدِ عن قَابُوسَ بنِ أَبي ظَبْيَانَ عن أَبِيهِ عن سَلْمَانَ قالَ‏:‏ ‏"‏قَالَ لِي رسولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم يَا سَلْمَانُ لاَ تُبْغِضْنِي فَتُفَارِقَ دِينَكَ، قُلْتُ يَا رَسُولَ اللّهِ‏:‏ كَيْفَ أُبْغِضُكَ وَبِكَ هَدَانَا اللّهُ، قَالَ‏:‏ تُبْغِضُ الْعَرَبَ فَتُبْغِضُنِي‏"‏‏.‏

قال أبو عيسى‏:‏ هَذا حديثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ لاَ نَعْرِفُهُ إلاّ مِنْ حَدِيثِ أَبي بَدْرٍ شُجَاعِ بنِ الْوَلِيدِ‏.‏ وسمعت محمد بن إسماعيل يقول‏:‏ أبو ظبيان لم يدرك سلمان، مات سلمان قبل علي‏.‏

4094- حَدّثَنَا عَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ، أَخبرنا مُحمّدُ بنُ بِشْرٍ الْعَبْدِيّ أَخبرنا عَبْدُ اللّهِ بنِ عَبْدِ اللّهِ بنِ الأَسْودِ، عن حُصَيْنِ بنِ عُمَرَ الأحمس، عن مُخَارِقِ بنِ عَبْدِ اللّهِ عن طَارِقِ بنِ شِهَابٍ عن عُثْمَانَ بنِ عَفّانَ قالَ‏:‏ قالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏مَنْ غَشّ العَرَبَ لَمْ يَدْخُلْ فِي شَفَاعَتِي وَلَمْ تَنَلْهُ مَوَدّتِي‏"‏‏.‏

قال أبو عيسى‏:‏ هَذا حديثٌ غَرِيبٌ لاَ نَعْرِفُهُ إلاّ مِنْ حَدِيثِ حُصَيْنِ بنِ عُمَرَ الأَحْمَسِيّ عن مُخَارِقٍ، وَلَيْسَ حُصَيْنٌ عِنْدَ أَهْلِ الْحَدِيثِ بِذَاكَ الْقَوِيّ‏.‏

4095- حَدّثَنَا يَحْيَـى بنُ مُوسَى، قال حدثنا سُلَيْمَانُ بنُ حَرْبٍ حدثنا مُحمّدُ بنُ أَبي رُزَيْنٍ عن أُمّهِ قالَتْ‏:‏ ‏"‏كَانَتْ أُمّ الْجَرِيرِ إذَا مَاتَ أَحَدٌ مِنَ الْعَرَبِ اشْتَدّ عَلَيْهَا فَقِيلَ لَهَا إِنّا نَرَاكِ إِذَا مَاتَ الرّجُلُ مِنَ الْعَرَبِ اشْتَدّ عَلَيْكِ، قَالَتْ‏:‏ سَمِعْتُ مَوْلاَي يَقُولُ‏:‏ قالَ رسولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم‏:‏ مِنْ اقْتِرَابِ السّاعَةِ هَلاَكُ الْعَرَبِ‏"‏ قَالَ مُحمّدُ بنُ أَبي رُزَيْنٍ‏:‏ وَمَوْلاَهَا طَلْحَةُ بنُ مَالِكٍ‏.‏

قال أبو عيسى‏:‏ هَذا حديثٌ غَرِيبٌ إنما لا نَعْرِفُهُ إلا مِنْ حَدِيثِ سُلَيْمَانَ بنِ حَرْبٍ‏.‏

4096- حَدّثَنَا مُحمّدُ بنُ يَحْيَـى الأَزْدِيّ، حدثنا حَجّاجُ بنُ مُحمّدٍ عن ابنِ جُرَيْجٍ، ‏(‏قال‏)‏ أَخْبَرَنِي أَبُو الزّبَيْرِ أَنّهُ سَمِعَ جَابِرَ بنَ عَبْدِ اللّهِ يَقُولُ‏:‏ حَدّثَتْنِي أُمّ شُرَيْكٍ أَنّ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ‏:‏ ‏"‏لَيَفِرّنّ النّاسُ مِنَ الدّجّالِ حَتّى يَلْحَقُوا بِالْجبَالِ، قَالَتْ أُمّ شُرَيْكٍ‏:‏ يَا رَسُولَ اللّهِ فَأَيْنَ الْعَرَبُ يَوْمَئِذٍ‏؟‏ قالَ‏:‏ هُمْ قَلِيلٌ‏"‏‏.‏

قال أبو عيسى‏:‏ هَذا حديثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ صحيحٌ‏.‏

4097- حَدّثَنَا بِشْرُ بنُ مُعَاذٍ الْعَقَدِيّ بصري حدثنا يَزِيدُ بنُ زُرَيْعٍ عن سَعِيدِ بنِ أَبي عَرُوبَةَ، عن قَتَادَةَ، عن الْحَسَنِ عن سَمُرَةَ بنِ جُنْدُبٍ أَنّ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ‏:‏ ‏"‏سَامٌ أَبُو الْعَرَبِ وَيَافِثُ أَبُو الرّومِ وَحَامٌ أَبُو الْحَبَشِ‏"‏‏.‏

قال أبو عيسى‏:‏ هَذا حديثٌ حَسَنٌ وَيُقَالُ يَافِثُ وَيَافِتُ وَيَفثُ‏.‏

- قوله‏:‏ ‏(‏عن سلمان‏)‏ أي الفارسي ‏(‏لا تبغضني فتفارق دينك‏)‏ بالنصب على جواب النهي كما صرح به زين العرب ‏(‏كيف أبغضك‏)‏ أي كيف يتصور مني أني أبغضك وأنت حبيب الله ومحبوب أمتك ‏(‏وبك هدانا الله‏)‏ أي إلى الإسلام ‏(‏قال تبغض العرب فتبغضني‏)‏ أي حين تبغض العرب عموماً فتبغضني في ضمنهم خصوصاً أو إذا أبغضت جنس العرب فربما يجر ذلك إلى بغضك إياي نعوذ بالله من ذلك، والحاصل أن بغض العرب قد يصير سبباً لبغض سيد الخلق، فالحذر الحذر كيلا يقع في الخطر‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏هذا حديث حسن غريب‏)‏ وأخرجه أحمد في مسنده‏.‏

- قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا عبد الله بن عبد الله بن الأسود‏)‏ الحارثي أبو عبد الرحمن الكوفي صدوق من التاسعة ووقع في النسخة الأحمدية عبد الله بن عبد الله بن أبي الأسود وهو غلط ‏(‏عن مخارق بن عبد الله‏)‏ ويقال مخارق بن خليفة الأحمسي الكوفي ثقة من الثالثة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏من غش العرب‏)‏ أي خانهم والغش ضد النصح من الغش وهو المشرب الكدر ‏(‏لم يدخل في شفاعتي‏)‏ أي الصغرى لعموم الكبرى ‏(‏ولم تنله مودتي‏)‏ أي لم تصبه محبتي إياه أو لم تصل ولم تحصل له محبته إياي، وقال المناوي‏:‏ غش العرب أن يصدهم عن الهدى أو يحملهم على ما يبعدهم عن النبي صلى الله عليه وسلم فمن فعل ذلك فقد قطع الرحم بينهم وبينه فيحرم شفاعته ومودته، وغش غير العرب حرام أيضاً، لكن غش العرب أعظم جرماً، انتهى‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏هذا حديث غريب‏)‏ وأخرجه أحمد ‏(‏وليس حصين عند أهل الحديث بذاك القوي‏)‏ قال الحافظ هو متروك‏.‏

- قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا يحيى بن موسى‏)‏ البلخي المعروف بخت ‏(‏أخبرنا سليمان بن حرب‏)‏ الأزدي الواشحي ‏(‏أخبرنا محمد بن أبي رزين‏)‏ مقبول من الثامنة ‏(‏عن أمه‏)‏ هي مجهولة ‏(‏قالت‏)‏ أي أم محمد بن أبي رزين ‏(‏كانت أم الحرير‏)‏ بالتصغير وقيل بفتح أولها لا يعرف حالها من الرابعة قاله الحافظ، وقال الذهبي‏:‏ أم الحرير عن مولاها طلحة بن مالك لا تعرف وعنها امرأة لم تسم، انتهى‏.‏

قلت‏:‏ المرأة التي روت عنها غير مسماة هي أم محمد بن أبي رزين‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏من اقتراب الساعة‏)‏ أي من علامات قرب القيامة ‏(‏هلاك العرب‏)‏ أي مسلمهم أو جنسهم وفيه إيماء إلى أن غيرهم تابع لهم ولا تقوم الساعة إلا على شرار الناس بل ولا يكون في الأرض من يقول الله‏.‏ كذا في المرقاة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ومولاها طلحة بن مالك‏)‏ الخزاعي أو السلمي صحابي نزل البصرة قال ابن السكن‏:‏ ليس يروي عنه إلا هذا الحديث يعني حديث الباب‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏هذا حديث غريب‏)‏ ومع غرابته ضعيف لجهالة أم محمد بن أبي رزين وأم الحرير‏.‏

- قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا حجاج بن محمد‏)‏ المصيصي الأعور ‏(‏حدثتني أم شريك‏)‏ العامرية ويقال الدوسية ويقال الأنصارية اسمها غزية ويقال غزيلة صحابية يقال هي التي وهبت نفسها للنبي صلى الله عليه وسلم‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ليفرن‏)‏ أي ليهربن ‏(‏الناس‏)‏ أي المؤمنون ‏(‏من الدجال‏)‏ أي عند خروجه في آخر الزمان ‏(‏وأين العرب‏)‏ وفي بعض النسخ‏:‏ فأين العرب بالفاء، قال الطيبي‏:‏ الفاء فيه جزاء شرط محذوف أي إذا كان هذا حال الناس فأين المجاهدون في سبيل الله الذابون عن حريم الإسلام المانعون عن أهله صولة أعداء الله فكنى عنهم بها ‏(‏قال هم‏)‏ أي العرب ‏(‏قليل‏)‏ أي حينئذ فلا يقدرون عليه‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏هذا حديث حسن صحيح غريب‏)‏ وأخرجه أحمد ومسلم‏.‏

- قوله‏:‏ ‏(‏سام أبو العرب ويافث أبو الروم وحام أبو الحبش‏)‏ والثلاثة أولاد نوح لصلبه‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏هذا حديث حسن‏)‏ تقدم هذا الحديث بسنده ومتنه في تفسير سورة الصافات ‏(‏ويقال يافث‏)‏ بكسر الفاء وبالمثلثة ‏(‏ويافث‏)‏ بكسر الفاء وبالمثناة الفوقية ‏(‏ويفث‏)‏ أي بحذف الألف وبالمثلثة‏.‏

2188- باب فِي فَضْلِ الْعَجَم

بالتحريك ضد العرب

4098- حَدّثَنَا سُفْيانُ بنُ وَكِيعٍ، أَخبرنا يَحْيَـى بنُ آدَمَ، عن أَبي بَكْرِ بنِ عَيّاشٍ، حدثنا صَالِحُ بنُ أَبي صَالِحٍ مَوْلَى عَمْرِو بنِ حُرَيْثٍ قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ‏:‏ ‏"‏ذُكِرَتِ الأعَاجِمُ عِنْدَ رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ النّبيّ صلى الله عليه وسلم‏:‏ لأَنَا بِهِمْ، أَوْ بِبَعْضِهِمْ أَوْثَقُ مِنّي بِكُمْ أَوْ بِبَعْضِكُمْ‏"‏‏.‏

قال‏:‏ هَذا حديثٌ غَرِيبٌ لاَ نَعْرِفُهُ إِلاّ مِنْ حَدِيثِ أَبي بَكْرِ بنِ عَيّاشٍ، وَصَالِحٌ هو ابن أبي صالح هذا يقال له صالح بنُ مِهْرَانَ مَوْلَى عَمْرِو بنِ حُرَيْثٍ‏.‏

4099- حَدّثَنَا عَلِيّ بنُ حُجْرٍ، أَخبرنا عَبْدُ اللّهِ بنُ جَعْفَرٍ، حدثني ثَوْرُ بنُ زَيْد الديْلِيّ عن أَبي الْغِيْثِ عن أَبي هُرَيْرَةَ قَالَ‏:‏ ‏"‏كُنّا عِنْدَ رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ أُنْزِلَتْ سُورَةُ الْجُمعةِ فَتَلاَها، فَلَمّا بَلَغَ ‏{‏وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمّا يَلْحَقُوا بِهِمْ‏}‏ قَالَ لَهُ رَجُلٌ‏:‏ يَا رَسُولَ اللّهِ مَنْ هَؤُلاءِ الّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِنَا‏؟‏ فَلَمْ يُكَلّمْهُ، قَالَ- وَسَلْمَانُ الْفَارِسِيّ فِينَا- قالَ‏:‏ فَوَضَعَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم يَدَهُ عَلَى سَلْمَانَ فَقَالَ‏:‏ وَالّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ كَانَ الإِيْمَانُ بِالثّرَيّا لَتَنَاوَلَهُ رِجَالٌ مِنْ هَؤُلاَءِ‏"‏‏.‏

قال أبو عيسى‏:‏ هَذا حديثٌ حَسَنٌ‏.‏ وَقَدْ رُوِيَ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ عن أَبي هُرَيْرَةَ، عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم‏.‏ وأبو الغيث اسمه سالم مولى عبد الله بن مطيع مدني‏.‏

- وله‏:‏ ‏(‏ذكرت الأعاجم‏)‏ أي بالمدح أو الذم ‏(‏لأنا بهم أو ببعضهم أوثق‏)‏ أي أرجى في الاعتماد على طلب الدين ‏(‏مني بكم أو ببعضكم‏)‏‏.‏ قال المظهر‏:‏ أنا مبتدأ وأوثق خبره ومني صلة أوثق، والباء في بهم مفعوله وأو عطف على بهم والباء في بكم مفعول فعل مقدر يدل عليه أوثق وأو في أو ببعضكم عطف على بكم، إما متعلق أيضاً بأوثق إذ هو في قوة الوثوق وزيادة فكأنه فعلان جاز أن يعمل في مفعولين أو بآخر دل عليه الأول‏.‏ والمعنى وثوقي واعتمادي بهم أو ببعضهم أكثر من وثوقي بكم أو ببعضكم‏.‏ قال الطيبي‏:‏ الأول من باب العطف على الانسحاب، والثاني من باب العطف على التقدير‏.‏ والمخاطبون بقوله بكم أو ببعضكم قوم مخصوصون دعوا إلى الإنفاق في سبيل الله فتقاعدوا عنه فهو كالتأنيب والتعيير عليهم، ويدل عليه قوله تعالى‏:‏ ‏{‏إن تتولوا يستبدل قوماً غيركم‏}‏ فإنه جاء عقيب قوله تعالى‏:‏ ‏{‏ها أنتم هؤلاء تدعون لتنفقوا في سبيل الله فمنكم من يبخل‏}‏ يعني أنتم هؤلاء المشاهدون بعد ممارستكم الأحوال وعلمكم بأن الإنفاق في سبيل الله خير لكم تدعون إليه فتثبطون عنه وتتولون، فإن استمر توليكم يستبدل الله قوماً غيركم بذّالون لأرواحهم وأموالهم في سبيل الله، ولا يكونوا أمثالكم في الشح المبالغ فهو تعريض وبعث لهم على الإنفاق، فلا يلزم منه التفضيل قال القاري‏:‏ إن كان مراده أنه لا يلزم التفضيل مطلقاً فهو خلاف الكتاب والسنة مع أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، وإن كان مراده لا يلزم التفضيل المطلق فهو صحيح، إذ يدل على أنهم في بعض الصفات أفضل من العرب ولا بدع أن يوجد في المفضول زيادة فضيلة بالنسبة إلى بعض فضائل الفاضل، فجنس العرب أفضل من جنس العجم بلا شبهة، وإنما الكلام في بعض الأفراد‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وصالح هو ابن مهران‏)‏ بكسر الميم وسكون الهاء‏.‏ قال في التقريب‏:‏ صالح بن أبي صالح الكوفي مولى عمرو بن حريث، واسم أبيه مهران، ضعيف من الرابعة‏.‏

- قوله‏:‏ ‏(‏كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أنزلت سورة الجمعة الخ‏)‏ تقدم هذا الحديث بسنده ومتنه في تفسير سورة الجمعة وتقدم هناك شرحه‏.‏

2189- باب فِي فَضْلِ الْيَمَن

قال الإمام البخاري في صحيحه‏:‏ سميت اليمن لأنها عن يمين الكعبة والشام لأنها عن يسار الكعبة والمشأمة الميسرة، قال الحافظ‏:‏ قوله سميت اليمن لأنها عن يمين الكعبة هو قول أبي عبيدة قاله في تفسير الواقعة، وروى عن قطرب قال‏:‏ إنما سمى اليمن يمناً ليمنه، والشام شاماً لشؤمه‏.‏ وقال الهمداني في الأنساب‏:‏ لما ظعنت العرب العاربة أقبل بنو قطن بن عامر فتيامنو، فقالت العرب تيامنت بنو قطن، فسموا اليمن، وتشاءم الاَخرون فسموا شاماً، وقيل إن الناس لما تفرقت ألسنتهم حين تبلبلت ببابل أخذ بعضهم عن يمين الكعبة فسموا يمناً، وأخذ بعضهم عن شمالها فسموا شاماً، وقيل إنما سميت اليمن بيمن بن قحطان وسميت الشام بسام بن نوح وأصله شام بالمعجمة ثم عرب بالمهملة‏.‏ انتهى

4100- حَدّثَنَا عَبْدُ اللّهِ بنِ أَبي زِيَادٍ القطواني وَغَيْرُ وَاحِدٍ قَالُوا‏:‏ حدثنا أَبُو الوليد، أَخبرنا عِمْرَانُ القَطّانُ عن قَتَادَةَ عن أَنَسٍ عن زَيْدٍ بنِ ثَابِتٍ رضي الله عنه‏:‏ أَنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم نَظَرَ قِبَلَ الْيَمَنِ، فَقَالَ‏:‏ ‏"‏اللّهُمّ أَقْبِلْ بِقُلُوبِهِمْ وَبَارِكْ لَنَا فِي صَاعِنَا وَمُدّنَا‏"‏‏.‏

قال أبو عيسى‏:‏ هَذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ غَرِيبٌ لاَ نَعْرِفُهُ مِنْ حَدِيثِ زَيْدِ بنِ ثَابِتٍ إلاّ مِنْ حَدِيثِ عِمْرَانَ القَطّانِ‏.‏

4101- حَدّثَنَا قُتَيْبَةُ، أَخبرنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بنِ مُحمّدٍ، عن مُحمّدِ بنِ عَمْروٍ، عن أبي سَلَمَةَ عن أبي هُرَيْرَةَ قالَ‏:‏ قالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏أتَاكُمْ أهْلُ الْيَمَنِ هُمْ أضْعَفُ قُلُوباً وَأرَقّ أفْئِدةً، الاْيمَانُ يمَانٍ وَالْحِكْمَةُ يَمَانِيّةٌ‏"‏ وفي البابِ عن ابنِ عَبّاسٍ وأبي مَسْعُودٍ وهَذَا حديث حسن صحيحٌ‏.‏

4102- حَدّثَنَا أَحْمَدُ بنُ مَنِيعٍ أَخبرنا زَيْدُ بنُ حُبَابٍ أَخبرنا مُعَاوِيَةُ بنُ صَالِحٍ، حدثنا أَبُو مَرْيَمَ الأَنْصَارِيّ عن أَبي هُرَيْرَةَ قالَ‏:‏ قالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏المُلْكُ فِي قُرَيْشٍ وَالقَضَاءُ فِي الأَنْصَارِ، وَالاَذانُ فِي الحَبْشَةِ وَالأمَانَةُ في الأزدِ يَعْنِي الْيَمَنَ‏"‏‏.‏

4103- حَدّثَنَا عَبْدُ الْقُدّوسِ بنُ مُحمّدٍ العطّارُ حدثني عَمّي صَالِحُ بنُ عَبْدِ الكَبِيرِ بنِ شُعَيْبٍ ابن الحبحاب، حدثني عَمّي عَبْدُ السّلاَمِ بن شُعَيْبٍ، عن أَبِيهِ عن أَنَسٍ رضي الله عنه قالَ‏:‏ قالَ رسولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏الأزْدُ أَسَدُ اللّهِ فِي الأرْضِ، يُرِيدُ النّاسُ أَنْ يَضعُوهُمْ وَيَأْبَى اللّهُ إِلاّ أَنْ يَرْفَعَهُمْ، وَلَيَأْتِيَنّ عَلَى النّاسِ زَمَانٌ، يَقُولُ الرّجُلُ‏:‏ يَا لَيْتَ أَبي كَانَ أَزْدِيّا يَا لَيْتَ أُمّي كَانَتْ أَزْدِيّةً‏"‏‏.‏

قال أبو عيسى‏:‏ هَذا حديثٌ غَرِيبٌ لاَ نَعْرِفُهُ إلاّ من هذا الوَجْهِ، وَرُوِيَ هذا الحديث بهذا الإسناد عن أَنسٍ مَوْقُوفاً وَهُوَ عِنْدَنَا أَصَحّ‏.‏

4104- حَدّثَنَا عَبْدُ الْقُدّوسِ بن مُحمّدٍ العَطّارُ الْبَصْرِيّ، حدثنا مُحمّدُ بنُ كَثِيرٍ العبدي البصري حدثنا مَهْدِيّ بنُ مَيْمُونٍ حدثني غَيْلاَنُ بنُ جَرِيرٍ، قالَ‏:‏ سَمِعْتُ أَنسَ بنَ مَالِكٍ يَقُولُ ‏"‏إِن لَمْ نَكُنْ مِنَ الأزْدِ فَلَسْنَا مِنَ النّاسِ‏"‏‏.‏

قال أبو عيسى‏:‏ هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ غَريبٌ‏.‏

4105- حَدّثَنَا أَبُو بَكْرِ بنُ زَنْجويّةَ بغدادي أَخبرنا عَبْدُ الرّزّاقِ أَخْبَرَنِي أبي عن مِينَاءَ مَوْلَى عَبْدِ الرّحْمَنِ بنِ عَوْفٍ، قالَ‏:‏ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ، يَقُولُ‏:‏ ‏"‏كُنّا عِنْدَ النبيّ صلى الله عليه وسلم فَجَاءَهُ رَجُلٌ أَحْسَبُهُ مِنْ قَيْسٍ، فَقَالَ‏:‏ يَا رَسُولَ اللّهِ الْعَنْ حِمْيراً فَأَعْرَضَ عَنْهُ، ثُمّ جَاءَهُ مِنَ الشّقّ الاَخَرِ فَأَعْرَضَ عَنْهُ، ثُمّ جَاءَهُ مِنَ الشّقّ الاَخَرِ، فَأَعْرَضَ عَنْهُ ثُمّ جَاءَهُ مِنَ الشّقّ الاَخَرِ، فَأَعْرَضَ عَنْهُ، فَقَالَ النّبيّ صلى الله عليه وسلم‏:‏ رَحِمَ اللّهُ حِمْيَراً‏.‏ أَفْوَاهُهُمْ سَلاَمٌ، وَأَيْدِيهِمْ طَعَامٌ، وَهُمْ أَهْلُ أَمْنٍ وَإِيمَانٍ‏"‏‏.‏

قال أبو عيسى‏:‏ هَذا حديثٌ غريبٌ لاَ نَعْرِفُهُ إلاّ مِنْ هذا الوجهِ من حديثِ عَبْدِ الرّزّاقِ وَيُرْوَى عن مِينَاءَ هذا أَحَادِيثُ مَنَاكِيرُ‏.‏

- قوله‏:‏ ‏(‏نظر قبل اليمن‏)‏ بكسر القاف وفتح الموحدة أي إلى جانبه ‏(‏اللهم أقبل‏)‏ أمر من الإقبال، والباء في قوله‏:‏ ‏(‏بقلوبهم‏)‏ للتعدية والمعنى اجعل قلوبهم مقبلة إلينا، وإنما دعى بذلك لأن طعام أهل المدينة كان يأتيهم من اليمن ولذا عقبه ببركة الصاع والمد لطعام يجلب لهم من اليمن فقال ‏(‏وبارك لنا في صاعنا ومدنا‏)‏ أراد بهما الطعام المكتال بهما فهو من باب إطلاق الظرف وإرادة المظروف أو المضاف مقدر أي طعام صاعنا ومدنا‏.‏ قال التوربشتي‏:‏ وجه التناسب بين الفصلين إن أهل المدينة ما زالوا في شدة من العيش وعوذ من الزاد، لا تقوم أقواتهم لحاجتهم، فلما دعا الله بأن يقبل عليهم بقلوب أهل اليمن إلى دار الهجرة وهم الجم الغفير دعا الله بالبركة في طعام أهل المدينة ليتسع على القاطن بها والقادم عليها فلا يسأم المقيم من القادم عليه ولا تشق الإقامة على المهاجر إليها‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏هذا حديث حسن غريب‏)‏ وأخرجه أحمد‏.‏

- قوله‏:‏ ‏(‏أخبرنا عبد العزيز بن محمد‏)‏ هو الدراوردي ‏(‏عن محمد بن عمرو‏)‏ بن علقمة بن وقاص الليثي ‏(‏عن أبي سلمة‏)‏ بن عبد الرحمن بن عوف‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏هم أضعف قلوباً‏)‏ وفي رواية لمسلم‏:‏ ‏"‏هم ألين قلوباً‏"‏ ‏(‏وأرق أفئدة‏)‏ جمع فؤاد، وأرق أفعل التفضيل من الرقة وهي ضد القساوة‏.‏ قال النووي‏:‏ المشهور أن الفؤاد هو القلب فعلى هذا يكون كرر لفظ القلب بلفظين، وهو أولى من تكريره بلفظ واحد، وقيل الفؤاد غير القلب وهو عين القلب، وقيل باطن القلب، وقيل غشاء القلب، وأما وصفها باللين والرقة والضعف فمعناه أنها ذات خشية واستكانة سريعة الاستجابة والتأثر بقوارع التذكير سالمة من الغلظ والشدة والقسوة التي وصف بها قلوب الاَخرين‏.‏ قوله‏:‏ ‏(‏الإيمان يمان والحكمة يمانية‏)‏ وقع في رواية لمسلم‏:‏ ‏"‏الإيمان يمان، والفقه يمان، والحكمة يمانية‏"‏‏.‏ قال الحافظ في الفتح‏:‏ ظاهره نسبة الإيمان إلى اليمن لأن أصل يمان يمنى فحذفت ياء النسب وعوض بالألف بدلها، وقوله يمانية هو بالتخفيف، وحكى ابن السيد في الاقتضاب أن التشديد لغة، وحكى الجوهري وغيره أيضاً عن سيبويه جواز التشديد في يماني وأنشد‏:‏

يمانياً يظل يشد كيراً وينفخ دائماً لهب الشواط

واختلف في المراد به، فقيل معناه نسبة الإيمان إلى مكة لأن مبدأه منها ومكة يمانية بالنسبة إلى المدينة، وقيل المراد نسبة الإيمان إلى مكة والمدينة وهما يمانيتان بالنسبة للشام بناء على أن هذه المقالة صدرت من النبي صلى الله عليه وسلم وهو حينئذ بتبوك، ويؤيده قوله في حديث جابر عند مسلم‏:‏ والإيمان في أهل الحجاز، وقيل المراد بذلك الأنصار لأن أصلهم من اليمن ونسب الإيمان إليهم لأنهم كانوا الأصل في نصر الذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم، حكى جميع ذلك أبو عبيدة في غريب الحديث له‏.‏ وتعقبه ابن الصلاح بأنه لا مانع من إجراء الكلام على ظاهره، وأن المراد تفضيل أهل اليمن على غيرهم من أهل المشرق، والسبب في ذلك إذعانهم إلى الإيمان من غير كبير مشقة على المسلمين بخلاف أهل المشرق وغيرهم، ومن اتصف بشيء وقوي قيامه به نسب إليه إشعاراً بكمال حاله فيه، ولا يلزم من ذلك نفي الإيمان عن غيرهم‏.‏ وفي ألفاظه أيضاً ما يقتضي أنه أراد به أقواماً بأعيانهم فأشار إلى من جاء منهم لا إلى بلد معين، لقوله في بعض طرقه في الصحيح‏:‏ ‏"‏أتاكم أهل اليمن هم ألين قلوباً وأرق أفئدة، الإيمان يمان، والحكمة يمانية، ورأس الكفر قبل المشرق‏"‏‏.‏ ولا مانع من إجراء الكلام على ظاهره وحمل أهل اليمن على حقيقته، ثم المراد بذلك الموجود منهم حينئذ لا كل أهل اليمن في كل زمان، فإن اللفظ لا يقتضيه‏.‏ قال‏:‏ والمراد بالفقه الفهم في الدين، والمراد بالحكمة العلم المشتمل على المعرفة بالله، انتهى ما في الفتح‏.‏ وقال النووي في شرح مسلم نقلاً عن ابن الصلاح‏:‏ في تفسير الحكمة أقوال كثيرة مضطربة قد اقتصر كل من قائلها على بعض صفات الحكمة، وقد صفا لنا منها أن الحكمة عبارة عن العلم المتصف بالأحكام المشتمل على المعرفة بالله تبارك وتعالى، المصحوب بنفاذ البصيرة وتهذيب النفس وتحقيق الحق والعمل به، والصد عن اتباع الهوى والباطل، والحكيم من له ذلك‏.‏ وقال أبو بكر بن دريد‏:‏ كل كلمة وعظتك أو زجرتك أو دعتك إلى مكرمة أو نهتك عن قبيح فهي حكمة، وحكم ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏إن من الشعر حكمة‏"‏‏.‏ وفي بعض الروايات ‏"‏حكماً‏"‏ انتهى‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وفي الباب عن ابن عباس وأبي مسعود‏)‏‏.‏ أما حديث ابن عباس فأخرجه البزار وفيه الحسين بن عيسى بن مسلم الحنفي وثقه ابن حبان وضعفه الجمهور وبقية رجاله رجال الصحيح، قاله الهيثمي‏.‏ وأما حديث أبي مسعود فأخرجه الشيخان ووقع في بعض النسخ ابن مسعود مكان أبي مسعود، وأخرج حديثه الطبراني عنه، قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏الإيمان يمان ومضر عند أذناب الإبل‏"‏‏.‏ وفيه عيسى بن قرطاس وهو متروك‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏هذا حديث حسن صحيح‏)‏ وأخرجه الشيخان‏.‏

- وله‏:‏ ‏(‏حدثنا زيد بن حباب‏)‏ هو أبو الحسين العكلي أخبرنا ‏(‏معاوية بن صالح‏)‏ بن حدير الحضرمي ‏(‏أخبرنا أبو مريم الأنصاري‏)‏ ويقال الحضرمي خادم المسجد بدمشق أو حمص، قيل اسمه عبد الرحمن بن صاغر، ويقال هو مولى أبي هريرة ثقة من الثانية‏.‏

وقوله‏:‏ ‏(‏الملك في قريش‏)‏ بضم الميم أي الخلافة فيهم، وقد تقدم الكلام عن هذه المسألة في باب الخلفاء من قريش من أبواب الفتن ‏(‏والقضاء في الأنصار‏)‏ أي الحكم الجزئي تطيباً لقلوبهم لأنهم آووا ونصروا، وبهم قام عمود الإسلام، وفي بلدهم تم أمره واستقام، وبنيت المساجد، وجمعت الجماعات، ذكره ابن الملك‏.‏ وقال في الأزهار‏:‏ قيل المراد بالقضاء النقابة لأن النقباء كانوا منهم، وقيل القضاء الجزئي، وقيل لأنه صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏"‏أعلمكم بالحلال والحرام معاذ‏"‏‏.‏ وقيل القضاء المعروف لبعثه صلى الله عليه وسلم معاذاً قاضياً إلى اليمن انتهى‏.‏ قال القاري‏:‏ والأخير هو الأظهر لقوله‏:‏ ‏(‏والأذان في الحبشة‏)‏ أي لأن رئيس مؤذنيه صلى الله عليه وسلم كان بلالاً وهو حبشي ‏(‏والأمانة في الأزد‏)‏ بسكون الزاي أي أزد شنوءة وهم حي من اليمن ولا ينافي قول بعض الرواة ‏(‏يعني اليمن‏)‏ لكن الظاهر المتبادر من كلامه إرادة عموم أهل اليمن فإنهم أرق أفئدة وأهل أمن وإيمان، وحديث أبي هريرة هذا أخرجه أيضاً أحمد في مسنده‏.‏

- قوله‏:‏ ‏(‏وهذا أصح من حديث زيد بن حباب‏)‏ لأن عبد الرحمن بن مهدي أوثق وأحفظ من زيد بن حباب‏.‏

- قوله‏:‏ ‏(‏حدثني عمي صالح بن عبد الكبير بن شعيب‏)‏ بن الحجاب البصري المعولي مجهول من العاشرة ‏(‏حدثني عمي عبد السلام بن شعيب‏)‏ بن الحجاب البصري صدوق من التاسعة ‏(‏عن أبيه‏)‏ هو شعيب بن الحجاب الأزدي مولاهم أبو صالح البصري ثقة من الرابعة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏الأزد‏)‏ أي أزد شنوءة، في القاموس أزد بن الغوث وبالسين أفصح أبو حي باليمن ومن أولاده الأنصار كلهم ‏(‏أزد الله‏)‏ أي جنده وأنصار دينه قد أكرمهم الله بذلك فهم يضافون إليه ‏(‏أن يضعوهم‏)‏ أي يحقروهم ويذلوهم ‏(‏ويأبى الله إلا أن يرفعهم‏)‏ أي ينصرهم ويعزهم ويعليهم على أعداء دينهم‏.‏ قال القاضي‏:‏ يريد بالأزد أزد شنوءة وهو حي من اليمن أولاد أزد بن الغوث بن ليث بن مالك بن كهلان بن سبأ، وأضافهم إلى الله تعالى من حيث أنهم حزبه وأهل نصرة رسوله‏.‏ قال الطيبي‏:‏ قوله أزد الله يحتمل وجوهاً أحدها اشتهارهم بهذا الاسم لأنهم ثابتون في الحرب لا يفرون، وعليه كلام القاضي‏.‏ وثانيها أن تكون الإضافة للاختصاص والتشريف كبيت الله وناقة الله على ما يدل عليه قوله يريد الناس أن يضعوهم إلخ‏.‏ وثالثها أن يراد بها الشجاعة والكلام على التشبيه، أي الأسد أسد الله فجاء به إما مشاكلة أو قلب السين زاياً انتهى‏.‏ قال القاري بعد نقل كلام الطيبي هذا وتبعه صاحب الأزهار من شراح المصابيح، لكن إنما يتم هذا لو كان الأسد بالفتح والسكون لغة في الأسد بفتحتين كما لا يخفى وهو ليس كذلك على ما يفهم من القاموس انتهى‏.‏

- قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا محمد بن كثير‏)‏ هو إما العبدي البصري أو الثقفي الصنعاني لم يتعين لي ‏(‏حدثني غيلان بن جرير‏)‏ المعولي الأزدي البصري ثقة من الخامسة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فلسنا من الناس‏)‏ أي الكاملين وأنس كان أنصارياً والأنصار كلهم من أولاد الأزد‏.‏

- قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا أبو بكر بن زنجوية‏)‏ اسمه محمد بن عبد الملك بن زنجوية ‏(‏أخبرني أبي‏)‏ هو همام بن نافع الحميري الصنعاني مقبول من السادسة ‏(‏عن ميناء مولى عبد الرحمن بن عوف‏)‏ قال في التقريب‏:‏ ميناء بكسر الميم وسكون التحتانية ثم نون ابن أبي ميناء الخزاز مولى عبد الرحمن بن عوف، متروك ورمى بالرفض وكذبه أبو حاتم من الثانية ووهم الحاكم فجعل له صحبة انتهى‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏أحسبه‏)‏ بكسر السين وفتحها أي أظنه ‏(‏ألعن حميراً‏)‏ بكسر فسكون ففتح هو ابن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان أبو قبيلة من اليمن، والمراد هنا القبيلة، أي أدع عليهم بالبعد عن الرحمة ‏(‏فأعرض عنه‏)‏ أي عن الرجل بإدبار وجهه عنه ‏(‏أفواههم سلام وأيديهم طعام‏)‏ أي أفواههم لم تزل ناطقة بالسلام على كل من لقيهم وأيديهم لم تزل ممتدة بالطعام للجائع والضيف فجعل الأفواه والأيدي نفس السلام والطعام مبالغة وقيل أفواههم ذات سلام أو محل سلام وأيديهم ذات طعام فالمضاف مقدر لصحة العمل والمعنى أنهم يفشون السلام ويطعمون الطعام ‏(‏وهم أهل أمن وإيمان‏)‏ أي الناس آمنون من أيديهم وألسنتهم وقلوبهم مملوءة بنور الإيمان‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏هذا حديث غريب‏)‏ وأخرجه أحمد‏.‏

2190- باب مناقب الغفَار وَأَسْلَمَ وَجُهَيْنَةَ وَمُزَيْنَة

أما غفار فبكسر الغين المعجمة وتخفيف الفاء وفي آخره راء وهم بنو غفار بن مليل بن ضمرة بن بكر بن عبد مناة بن كنانة، وسبق منهم إلى الإسلام أبو ذر الغفاري وآخره أنيس ورجع أبو ذر إلى قومه فأسلم الكثير منهم، وأما أسلم فسيأتي بيانهم، وأما جهينة فبضم الجيم وفتح الهاء مصغراً وهم بنو جهينة بن زيد بن ليث بن سود بن أسلم بن الحاف بن قضاعة من مشهوري الصحابة منهم عقبة بن عامر الجهني وغيره واختلف في قضاعة فالأكثر أنهم من حمير فيرجع نسبهم إلى قحطان وقيل هم من ولد معد بن عدنان، وأما مزينة فبضم الميم وفتح الزاي مصغراً وهو اسم امرأة عمرو بن أدبن طابخة بن الياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان وهي مزينة بنت كلب بن وبرة وهي أم أوس وعثمان ابني عمرو فولد هذين يقال لهم بنو مزينة والمزينون‏.‏ ومن قدماء الصحابة منهم عبد الله بن مغفل بن عبد نهم المزني وعمه خزاعي بن عبد نهم وإياس بن هلال وابنه قرة بن إياس وهذا جد القاضي إياس بن معاوية بن قرة وآخرون

4106- حَدّثَنَا أَحْمَدُ بنُ مَنِيعٍ حدثنا يَزِيدُ بنُ هَارُونَ أَخبرنا أَبُو مَالِكٍ الأشْجَعِيّ عن مُوسَى بنِ طَلْحَةَ عن أَبي أَيّوبَ الأنْصَارِيّ قالَ‏:‏ قالَ رسولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏الأنْصَارُ وَمُزَيْنَةُ وَجُهَيْنَةُ وَغِفَارٌ وَأَشْجَعُ وَمَنْ كَانَ مِنْ بَنِي عَبْدِ الدّارِ مَوَالِيَ لَيسَ لَهُمْ مَوْلَى دُونَ اللّهِ وَاللّهُ وَرَسُولُهُ مَوْلاَهُمْ‏"‏‏.‏

قال أبو عيسى‏:‏ هَذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ‏.‏

4107- حَدّثَنَا عليّ بنُ حُجْرٍ، حدّثنا إسماعيلُ بنُ جَعْفَرٍ، عَنْ عبدِ اللّهِ بْنِ دِينَارٍ، عن ابنِ عُمَرَ أَنّ رَسولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏"‏أَسْلَمُ سَالَمَهَا اللّهُ، وغِفارُ غَفَرَ اللّهُ لَهَا، وَعُصَيّةُ عَصَتِ اللّه وَرَسُولَهُ‏"‏‏.‏

قال أبو عيسى‏:‏ هَذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ‏.‏

- قوله‏:‏ ‏(‏أخبرنا أبو مالك الأشجعي‏)‏ اسمه سعد بن طارق ‏(‏عن موسى بن طلحة‏)‏ بن عبيد الله‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏الأنصار‏)‏ تقدم بيانهم في فضل الأنصار وقريش ‏(‏وأشجع‏)‏ بالشين المعجمة والجيم وزن أحمر هم بنو أشجع بن ريث بن غطفان بن سعد بن قيس من مشهوري الصحابة منهم نعيم بن مسعود بن عامر بن أنيف ‏(‏موالي‏)‏ بتشديد التحتانية إضافة إلى النبي صلى الله عليه وسلم أي أنصاري وهذا هو المناسب هنا وإن كان للمولى عدة معان ويروى بتخفيف التحتانية والمضاف إليه محذوف أي موالي الله ورسوله ويدل عليه قوله‏:‏ ليس لهم مولى دون الله ورسوله ‏(‏والله ورسوله مولاهم‏)‏ أي وليهم وناصرهم والمتكفل بهم وبمصالحهم، قال الحافظ‏:‏ هذه فضيلة ظاهرة لهؤلاء القبائل والمراد من آمن منهم والشرف يحصل للشيء إذا حصل لبعضه، قيل إنما خصوا بذلك لأنهم بادروا إلى الإسلام فلم يسبوا كما سبى غيرهم وهذا إذا سلم يحمل على الغالب، وقيل المراد بهذا الخبر النهي عن استرقاقهم وأنهم لا يدخلون تحت الرق وهذا بعيد انتهى‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏هذا حديث حسن صحيح‏)‏ وأخرجه مسلم‏.‏

2191- باب مناقب في ثَقِيفٍ وَبَنِي حَنِيفَة

قال في القاموس ثقيف كأمير أبو قبيلة من هوازن واسمه قسي بن منبه بن بكر بن هوازن‏.‏ وقال فيه حنيفة كسفينة لقب أثال بن لجيم أبو حي منهم خولة بنت جعفر الحنفية أم محمد بن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه

4108- حَدّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ يَحْيَـى بنُ خَلَفٍ حدثنا عَبْدُ الوَهّابِ الثّقَفِيّ عن عَبْدِ اللّهِ بنِ عُثْمَانَ بنِ خُثَيْمٍ عن أَبِي الزّبَيْرِ عن جَابِرٍ قالَ‏:‏ ‏"‏قالُوا يَا رَسُولَ اللّهِ أَحْرَقَتْنَا نِبَالُ ثَقِيفٍ فَادْعُ اللّهَ عَلَيْهِمْ‏.‏ فَقَالَ‏:‏ اللّهُمّ اهْدِ ثَقِيفاً‏"‏‏.‏

قال أبو عيسى‏:‏ هَذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ غَرِيبٌ‏.‏

4109- حَدّثَنَا زَيْدُ بنُ أَخْزَمَ الطّائّيّ، أَخبرنا عَبْدُ الْقَاهِرِ بن شُعَيبٍ، أَخبرنا هِشَامٌ عن الْحَسَنِ عن عِمْرَانَ بنِ حُصَيْنٍ قالَ‏:‏ ‏"‏مَاتَ النّبيّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَكْرَم ثَلاَثَةَ أَحْيَاءٍ‏:‏ ثَقِيفاً وبَنِي حَنِيفَةَ وَبَنِي أُمَيّةَ‏"‏‏.‏

قال‏:‏ هَذا حديثٌ غَرِيبٌ لاَ نَعْرِفُهُ إلاّ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ‏.‏

4110- حَدّثَنَا عَلِيّ بنُ حُجْرٍ، أخبرنا الْفَضْلُ بنُ مُوسَى عن شريْكٍ عن عَبْدِ اللّهِ بنِ عاصمٍ عن ابنِ عُمَرَ قالَ‏:‏ ‏"‏قال رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم‏:‏ فِي ثَقِيفٍ كَذّابٌ وَمبيرٌ‏"‏‏.‏

4111- حَدّثَنَا عَبْدُ الرّحْمَنِ بنُ وَاقِدٍ أبو مسلم، أَخبرنا شريْكٌ بِهَذَا الاْسْنَادِ نَحْوَهُ وَعَبدُ اللّهِ بنِ عاصمٍ يُكْنَى أَبَا عُلْوَانَ وَهُوَ كُوفِيّ‏.‏

قال أبو عيسى‏:‏ هَذا حديثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ‏.‏ لاَ نَعْرِفُهُ إلاّ مِنْ حديثِ شريْكٍ وَشريْكٌ يَقُولُ‏:‏ عَبْدُ اللّهِ بنُ عاصمٍ وَإسْرَائِيلُ يَرْوِي عن هَذَا الشّيْخِ وَيَقُولُ عَبْدُ اللّهِ بنِ عُصْمَةَ‏.‏

قال‏:‏ وفي البابِ عن أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ‏.‏

4112- حَدّثَنَا أَحْمَدُ بنُ مَنِيعٍ‏.‏ أَخبرنا يَزِيدُ بنُ هَارُونَ، أَخبرنا أَيّوبُ عن سَعِيدٍ المَقْبُريّ عن أَبي هُرَيْرَةَ ‏"‏أَنّ أَعْرَابِيّا أَهْدَى لِرسولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم بَكْرَةً فَعَوّضَهُ مِنْهَا سِتّ بَكَرَاتٍ‏.‏ فَتَسَخّطَهَا فَبَلَغَ ذَلِكَ النّبيّ صلى الله عليه وسلم فَحَمِدَ اللّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمّ قَالَ‏:‏ إِنّ فُلاَناً أَهْدَى إِلَيّ نَاقَةً فَعَوّضْتُهُ مِنْهَا سِتّ بَكَرَاتٍ فَظَلّ سَاخِطاً‏.‏ لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ لاَ أَقْبَلَ هَدِيّةً إِلاّ مِنْ قُرَشِيّ أَوْ أَنْصَارِيّ أَوْ ثَقَفيّ أَوْ دَوْسِيّ‏"‏‏.‏

قال أبو عيسى‏:‏ وَفي الْحَدِيثِ كَلاَمٌ أَكْثَرُ مِنْ هَذَا‏.‏ قال هذا حديثٌ قَدْ رُوِيَ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ عن أَبي هُرَيْرَةَ‏.‏ وَيَزِيدُ بنُ هَارُونَ يَرْوِي عن أبي أَيّوبَ أَبي الْعَلاَءِ وَهُوَ أَيّوبُ بنُ مِسْكِينٍ، وَيُقَالُ ابنُ أَبي مِسْكِينٍ‏.‏ وَلَعلّ هَذَا الْحَدِيثَ الّذِي رواه عن أَيّوبَ عن سَعِيدٍ المَقْبُرِيّ، وَهُو أَيّوبُ أَبُو الْعَلاَءِ وَهُوَ أَيّوبُ بنُ مِسْكِينٍ وَيُقَالُ ابنُ أَبي مِسْكِينٍ‏.‏

4113- حَدّثَنَا محمّدُ بنُ إِسْمَاعِيلَ، أَخبرنا أَحْمَدُ بنُ خَالِدٍ الْحِمْصِيّ، أَخبرنا مُحمّدُ بنُ إِسْحَاقَ عن سَعِيدِ بنِ أَبي سَعِيدٍ المَقْبرِيّ عن أَبِيهِ عن أَبي هُرَيْرَةَ قالَ‏:‏ ‏"‏أَهْدَى رَجُلٌ مِنْ بَنِي فَزَارَةَ إِلَى النّبيّ صلى الله عليه وسلم نَاقَةً مِنْ إِبلِهِ الّتِي كَانُوا أَصَابُوا بِالْغَابَةِ فَعَوّضَهُ مِنْهَا بَعْضَ العِوَضِ فَتَسَخّطَه فَسَمِعْتُ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى هذا المِنْبَرِ يَقُولُ‏:‏ إِنّ رِجَالاً مِنَ الْعَرَبِ يُهْدِي أَحَدُهُمْ الْهَدِيّةَ فَأُعَوّضُهُ مِنْهَا بِقَدْرِ مَا عِنْدِي، ثُمّ يَتَسَخّطُهُ فَيَظَلّ بَتَسَخّطُ فِيهِ عَلَيّ‏.‏ وَايْمُ اللّهِ لاَ أَقْبَلُ بَعدَ مَقَامِي هَذَا مِنْ رَجُلٍ مِنَ الْعَرَبِ هَدِيّة إِلاّ مِنْ قُرَشِي أَوْ أنْصَارِي أوْ ثَقَفي أوْ دَوْسِي‏"‏‏.‏

قال أبو عيسى‏:‏ هذا حديث حسن هو هو أصَحّ مِنْ حَدِيثِ يَزِيدَ بنِ هَارُونَ عن أيوب‏.‏

4114- حَدّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بنُ يَعْقُوبَ، وغير واحد قالوا‏:‏ حدثنا وَهْبُ بنُ جَرِيرٍ، حدثنا أبي قالَ سَمِعْتُ عَبدَ اللّهِ بنَ خَلاّدٍ يُحَدّثُ عن نُمَيْرِ بنِ أوْسٍ عن مَالِكِ بنِ مَسْرُوحٍ عن عَامِرِ بنِ أبي عَامِرٍ الأَشْعَرِيّ عن أبِيهِ قالَ‏:‏ قالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏نَعْمَ الْحَيّ الأَسْدُ وَالأَشْعَرِيّونَ لاَ يَفِرّونَ في الْقِتَالِ وَلاَ يَغُلّونَ‏.‏ هُمْ مِنّي وَأَنَا مِنْهُمْ، قالَ فَحَدّثْتُ بِذَلِكَ مُعَاوِيَةَ فَقَالَ‏:‏ لَيْسَ هَكَذَا‏.‏ قالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم قالَ هُمْ مِنّي وَإِلَيّ‏.‏ فَقُلْتُ لَيْسَ هَكَذَا، حدثني أَبي وَلَكِنّهُ حَدّثَنِي قالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ‏:‏ هُمْ مِنّي وَأَنَا مِنْهُمْ قَالَ فَأَنْتَ أَعْلَمُ بِحَدِيثِ أَبِيكَ‏"‏‏.‏

قال أبو عيسى‏:‏ هَذا حديثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ لاَ نَعْرِفُهُ إلاّ مِنْ حديثِ وَهْبِ بنِ جَرِيرٍ وَيُقَالُ الاْسْدُ هُمُ الأَزْدُ‏.‏

4115- حَدّثَنَا مُحمّدُ بنُ بَشّارٍ، أَخبرنا عَبْدُ الرّحْمَنِ بنُ مَهْدِيّ، حدثنا شُعْبَةُ عن عَبْدِ اللّهِ بنِ دِينَارٍ عن ابنِ عُمَرَ عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قالَ‏:‏ ‏"‏أَسْلَمُ سَالَمَهَا اللّهُ، وَغِفَارٌ غَفَرَ اللّهُ لَهَا‏"‏‏.‏

قال أبو عيسى‏:‏ هَذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ‏.‏ وفي البابِ عن أَبي ذَرّ وَأَبي بَرْزَةَ الأَسْلَمِيّ وأبي بردة وَبُرَيْدَةَ وَأَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه‏.‏

4116- حَدّثَنَا عَلِيّ بنُ حُجْرٍ، أَخبرنا إِسْمَاعِيلُ بنُ جَعْفَرٍ عن عَبْدِ اللّهِ بنِ دِينَارٍ عن ابنِ عُمَرَ أَنّ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم قالَ‏:‏ ‏"‏أَسْلَمُ سَالَمَهَا اللّهُ وَغِفَارٌ غَفَرَ اللّهُ لَهَا‏.‏ وَعُصَيّةُ عَصَتِ اللّهَ وَرَسُولَهُ‏"‏‏.‏

قال أبو عيسى‏:‏ هَذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ‏.‏

4117- حَدّثَنَا مُحمّدُ بنُ بَشّارٍ، حدثنا مُؤَمّلٌ، أَخبرنا سُفْيَانُ عن عَبْدِ اللّهِ بنِ دِينَارٍ نَحْوَ حَدِيثِ شُعْبَةَ، وَزَادَ فِيهِ‏:‏ ‏"‏وَعُصَيّةُ عَصَتِ اللّهَ وَرَسُولَهُ‏"‏‏.‏

قال أبو عيسى‏:‏ هَذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ‏.‏

4118- حَدّثَنَا قُتَيْبَةُ، أَخبرنا المُغِيرَةُ بنُ عَبْدِ الرّحْمَنِ عن أَبي الزّنَادِ عن الأَعْرَجِ عن أَبي هُرَيْرَةَ قالَ‏:‏ قالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏وَالذِي نَفْسُ مُحمّدٍ بِيَدِهِ لَغِفَارٌ، وَأَسْلَمُ وَمُزَيْنَةُ، وَمَنْ كَانَ مِنْ جُهَيْنَةَ أَوْ قالَ جُهَينَةُ، وَمَنْ كَانَ مِنْ مُزَيْنَةَ خَيْرٌ عِنْدَ اللّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ أَسَدٍ وَطِيّء وَغَطَفَانَ‏"‏‏.‏

قال أبو عيسى‏:‏ هَذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ‏.‏

4119- حَدّثَنَا مُحمّدُ بنُ بَشّارٍ، أَخبرنا عَبْدُ الرّحْمَنِ بنُ مَهْدِيّ، أَخبرنا سُفْيَانُ عن جامِعِ بنِ شَدّادٍ، عن صَفْوَانَ بنِ مُحْرِزٍ، عن عِمْرَان بنِ حُصَيْنٍ، قالَ‏:‏ ‏"‏جَاءَ نَفَرٌ مِنْ بَنِي تَميمٍ إِلَى رسولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ‏:‏ أَبْشِرُوا يَا بَنِي تَميمٍ، قالُوا بَشّرْتَنَا فَأَعْطِنَا، قالَ فَتَغَيّرَ وَجْهُ رسولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم، وَجَاءَ نَفَرٌ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ فَقَالَ‏:‏ اقْبَلُوا الْبُشْرَى إذا لَمْ تَقْبَلْهَا بَنُو تَميمٍ، قَالُوا قَدْ قَبِلْنَا‏"‏‏.‏

قال أبو عيسى‏:‏ هَذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ‏.‏

4120- حَدّثَنَا مَحْمُودُ بنُ غَيْلاَنَ، حدثنا أَبُو أَحْمَدَ، أَخبرنا سُفْيَانُ عن عَبْدِ المَلِكِ بنِ عُمَيْرٍ عن عَبْدِ الرّحْمَنِ بنِ أَبي بَكْرَةَ عن أَبِيهِ أَنّ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم قالَ‏:‏ ‏"‏أَسْلَمُ وَغِفَارُ وَمُزَيْنَةُ خَيْرٌ مِنْ تميمٍ وَأَسَدٍ وَغَطَفَانَ وَبَنِي عَامِرِ بنِ صَعْصَعَةَ يَمُدّ بِهَا صَوْتهُ‏.‏ فَقَالَ الْقَوْمُ‏:‏ قَدْ خَابُو وَخَسِرُوا‏.‏ قالَ‏:‏ فَهُمْ خَيْرٌ مِنْهُمْ‏"‏‏.‏

قال أبو عيسى‏:‏ هَذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ‏.‏

- قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا أبو سلمة يحيى بن خلف‏)‏ البصري‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏قالوا‏)‏ أي بعض الصحابة ‏(‏نبال ثقيف‏)‏ بكسر النون جمع نبل أي سهامهم ولعله في غزوة الطائف ومحاصرتهم ‏(‏اللهم اهد ثقيفاً‏)‏ أي إلى الإسلام‏.‏

- قوله‏:‏ ‏(‏أخبرنا عبد القاهر بن شعيب‏)‏ بن الحجاب أبو سعيد البصري لا بأس به من التاسعة ‏(‏أخبرنا هشام‏)‏ بن حسان الأزدي الفردوسي ‏(‏عن الحسن‏)‏ البصري‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وهو يكره ثلاثة أحياء‏)‏ جمع حي بمعنى قبيلة ‏(‏ثقيفاً وبني حنيفة وبني أمية‏)‏ بدل مما قبله وبنو أمية بضم الهمزة وفتح الميم وشدة التحتية قبيلة من قريش، قال القاري في المرقاة نقلاً عن الأزهار‏:‏ قال العلماء إنما كره ثقيفاً للحجاج وبني خليفة لمسيلمة وبني أمية لعبيد الله بن زياد‏.‏ قال البخاري‏:‏ قال ابن سيرين أتى عبيد الله بن زياد برأس الحسين فجعله في طست وجعل ينكته بقضيب وقال الترمذي في الجامع قال عمارة بن عمير لما جيء برأس عبيد الله بن زياد وأصحابه في رحبة المسجد فانتهيت إليهم فقالوا قد جاءت فإذا حية قد جاءت حتى دخلت في منخر عبيد الله بن زياد فمكثت ساعة ثم خرجت فذهبت حتى تغيبت ثم قالوا قد جاءت ففعلت ذلك مرتين أو ثلاثاً‏.‏ انتهى ما في المرقاة، وحديث عمارة بن عمير هذا تقدم في مناقب الحسين‏.‏

- قوله‏:‏ ‏(‏في ثقيف كذاب ومبير‏)‏ تقدم هذا الحديث بهذا السند في باب ما جاء‏:‏ في ثقيف كذاب ومبير‏.‏ من أبواب الفتن وقال الترمذي هناك‏:‏ ويقال الكذاب المختار بن أبي عبيد والمبير الحجاج بن يوسف‏.‏‏.‏‏.‏ ‏(‏وعبد الله بن عصم‏)‏ بضم العين وسكون الصاد المهملتين ‏(‏يكنى أبا علوان‏)‏ بضم العين المهملة وسكون اللام ‏(‏وإسرائيل يروي عن هذا الشيخ‏)‏ أي عبد الله بن عصم‏.‏

- قوله‏:‏ ‏(‏بكرة‏)‏ البكر بفتح موحدة فسكون كاف فتى من الإبل بمنزلة غلام من الناس والأنثى بكرة كذا في النهاية ‏(‏فعوضه منها ست بكرات‏)‏ بفتحتين أي أعطاه عوضها ست بكرات ‏(‏فتسخطها‏)‏ أي كرهاً ولم يرض بها‏.‏ قال في القاموس‏:‏ تسخطه تكرهه وعطاءه استقله ولم يقع منها موقعاً، وإنما تسخط الأعرابي لأن طمعه في الجزاء كان أكثر لما سمع من جوده وفيض جوده صلى الله عليه وسلم ‏(‏فبلغ ذلك‏)‏ أي سخطه ‏(‏إن فلاناً‏)‏ كناية عن اسمه ‏(‏فظل‏)‏ أي أصبح أو صار ‏(‏لقد هممت‏)‏ جواب قسم مقدر أي والله لقد قصدت ‏(‏أن لا أقبل هدية‏)‏ أي من أحد ‏(‏إلا من قرشي‏)‏ نسبة إلى قريش ‏(‏أو أنصاري‏)‏ أي واحد من الأنصار ‏(‏أو ثقفي‏)‏ بفتح المثلثة والقاف نسبة إلى ثقيف قبيلة مشهورة ‏(‏أو دوسي‏)‏ بفتح الدال المهملة وسكون الواو نسبة إلى دوس بطن من الأزد أي إلا من قوم في طبائعهم الكرم‏.‏ قال التوربشتي‏:‏ كره قبول الهدية ممن كان الباعث له عليها طلب الاستكثار وإنما خص المذكورين فيه بهذه الفضيلة لما عرف فيهم من سخاوة النفس وعلو الهمة وقطع النظر عن الأعواض‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وفي الحديث كلام أكثر من هذا‏)‏ لم أقف عليه ‏(‏هذا حديث قد روي من غير وجه عن أبي هريرة‏)‏ وأخرجه أبو داود والنسائي ‏(‏وهو أيوب بن مسكين ويقال ابن أبي مسكين‏)‏ قال الحافظ في تهذيب التهذيب أيوب بن أبي مسكين ويقال مسكين التميمي أبو العلاء القصاب الواسطي روى عن قتادة وسعيد المقبري وأبي سفيان وغيرهم وعنه إسحاق بن يوسف الأزرق وهشيم ويزيد بن هارون وغيرهم، وقال في التقريب في ترجمته‏:‏ صدوق له أوهام من السابعة ‏(‏ولعل هذا الحديث الذي روى عن أيوب عن سعيد المقبري هو أيوب أبو العلاء‏)‏ هذا هو الظاهر والله تعالى أعلم‏.‏

- قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا محمد بن إسماعيل‏)‏ هو الإمام البخاري ‏(‏أخبرنا أحمد بن خالد‏)‏ بن موسى الحمصي الوهبي الكندي أبو سعيد صدوق من التاسعة ‏(‏أخبرنا محمد بن إسحاق‏)‏ هو إمام المغازي‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وايم الله‏)‏ لفظ قسم ذو لغات وهمزتها وصل وقد تقطع تفتح وتكسر كذا في المجمع ‏(‏أصابوا بالغابة‏)‏ اسم موضع‏.‏

- قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا إبراهيم بن يعقوب‏)‏ الجوزجاني ‏(‏أخبرنا وهب بن جرير‏)‏ بن حازم الأزدي البصري ‏(‏سمعت عبد الله بن خلاد‏)‏ بالخاء والدال المهملة قال الحافظ في التقريب‏:‏ صوابه ابن ملاذ بميم ولام خفيفة وذال معجمة الأشعري دمشقي مجهول ‏(‏يحدث عن نمير‏)‏ بالتصغير ‏(‏بن أوس‏)‏ الأشعري قاضي دمشق ثقة من الثالثة ‏(‏عن مالك بن مسروح‏)‏ بمهملتين الشامي مقبول ‏(‏عن عامر بن أبي عامر الأشعري‏)‏ تابعي مخضرم من الثانية وقد قيل له صحبة مات في خلافة عبد الملك ‏(‏عن أبيه‏)‏ هو أبو عامر الأشعري اسمه عبد الله بن هانئ وقيل ابن وهب وقيل عبيد بن وهب وليس هو عم أبي موسى الأشعري، له عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث واحد‏:‏ نعم الحي الأزد والأشعريون، وعنه ابنه عامر كذا في تهذيب التهذيب‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏نعم الحي‏)‏ أي القبيلة ‏(‏الأسد‏)‏ بفتح الهمزة وسكون السين وبالدال المهملتين وفي بعض النسخ الأزد بالزاي مكان السين، قال التوربشتي‏:‏ هو أبو حي من اليمن ويقال لهم الأزد وهو بالسين أفصح وهما أزدان أزد شنوءة وأزد عمان انتهى، والمراد هنا أزد شنوءة ‏(‏والأشعرون‏)‏ قال الطيبي هو بسقوط الياء في جامع الترمذي وجامع الأصول وبإثباته في المصابيح، قال الجوهري‏:‏ تقول العرب جاءتك الأشعرون بحذف الياء‏.‏

قلت‏:‏ قد وقع في بعض نسخ الترمذي أيضاً والأشعريون بإثبات ياء النسبة ‏(‏لا يفرون في القتال‏)‏ أي في حال قتالهم مع الكفار وهو حال من القبيلتين على حد ‏{‏هذان خصمان اختصموا‏}‏ ‏(‏ولا يغلون‏)‏ بفتح التحتية وضم الغين المعجمة وتشديد اللام أي ولا يخونون في المغنم ‏(‏هم مني‏)‏ أي متصلون بي وكلمة من هذه تسمى اتصالية نحو‏:‏ لا أنا من الدد ولا الدد مني‏.‏ وقال النووي معناه المبالغة في اتحاد طريقهما واتفاقهما في طاعة الله تعالى ‏(‏قال‏)‏ أي عامر بن أبي عامر الأشعري ‏(‏فقال‏)‏ أي معاوية ‏(‏قال هم مني وإليّ‏)‏ أي بل قال رسول الله صلى الله عليه وسلم هم مني وإليّ‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏هذا حديث غريب‏)‏ وأخرجه أحمد وفي سنده عبد الله بن ملاذ مكان عبد الله بن خلاد‏.‏

- قوله‏:‏ ‏(‏عن عبد الله بن دينار‏)‏ العدوي‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏أسلم سالمها الله‏)‏ هو من المسالمة وترك الحرب ويحتمل أن يكون دعاء وإخباراً، إما دعاء لها أن يسالمها الله ولا يأمر بحربها أو أخبر أن الله قد سالمها ومنع من حربها كذا في النهاية‏.‏ واعلم أن أسلم ثلاث قبائل قال العيني في العمدة‏:‏ أسلم في خزاعة وهو ابن أفصى وهو خزاعة بن حارثة بن عمرو بن عامر بن حارثة بن امريء القيس بن ثعلبة بن مازن بن الأزد، وفي مذحج أسلم بن أوس الله بن سعد العشيرة بن مذحج، وفي بجيلة أسلم بن عمرو بن لؤي بن رهم بن معاوية بن أسلم بن أحمس بن الغوث والله أعلم من أراد النبي صلى الله عليه وسلم بقوله هذا ‏(‏وغفار‏)‏ بكسر الغين المعجمة يصرف باعتبار الحي ولا يصرف باعتبار القبيلة ‏(‏غفر الله لها‏)‏ يحتمل أن يكون دعاء لها بالمغفرة أو إخباراً أن الله قد غفر لها‏.‏ ويؤيده قوله في آخر الرواية الاَتية‏:‏ ‏"‏وعصية عصت الله ورسوله‏"‏‏.‏ وفيهما من جناس الاشتقاق ما يلذ على السمع لسهولته وهو من الاتفاقات اللطيفة، وقال الخطابي إن النبي صلى الله عليه وسلم دعا لهاتين القبيلتين لأن دخولهما في الإسلام كان من غير حرب وكانت غفار تتهم بسرقة الحاج فأحب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يمحو عنهم تلك المسبة وأن يعلم أن ما سبق منهم مغفور لهم‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وفي الباب عن أبي ذر وأبي برزة الأسلمي وبريدة وأبي هريرة‏)‏ أما حديث أبي ذر فأخرجه أحمد ومسلم، وأما حديث أبي برزة الأسلمي فأخرجه أحمد، وأما حديث بريدة فلينظر من أخرجه، وأما حديث أبي هريرة فأخرجه الشيخان‏.‏

‏.‏‏.‏‏.‏- قوله‏:‏ ‏(‏أخبرنا إسماعيل بن جعفر‏)‏ الأنصاري الزرقي‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وعصية‏)‏ بضم العين وفتح الصاد المهملتين وتشديد التحتية مصغراً هم بطن من بني سليم ينسبون إلى عصية بن خفاف بن امريء القيس بن بهثة بن سليم ‏(‏عصت الله ورسوله‏)‏ إنما قال صلى الله عليه وسلم هذا لأنهم الذين قتلوا القراء ببئر معونة، بعثهم رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية فقتلوهم وكان يقنت عليهم في صلاته ويلعن رعلاً وذكوان ويقول‏:‏ ‏"‏عصية عصت الله ورسوله‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏هذا حديث حسن صحيح‏)‏ وأخرجه أحمد والشيخان‏.‏

- قوله‏:‏ ‏(‏أخبرنا مؤمل‏)‏ بن إسماعيل العدوي‏.‏

- قوله‏:‏ ‏(‏أخبرنا المغيرة بن عبد الرحمن‏)‏ الخزامي‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏لغفار‏)‏ مبتدأ وما بعده عطف عليه وقوله ‏"‏خير عند الله‏"‏ خبره ‏(‏ومزينة ومن كان من جهينة‏)‏ أو قال ‏(‏جهينة ومن كان من مزينة‏)‏ أو للشك من الراوي، ووقع في رواية الشيخين وشيء من مزينة وجهينة أو شيء من جهينة ومزينة أي بعض منهم، وفي هذه الرواية تقييد لما أطلق في رواية الترمذي هذه وفي حديث أبي بكرة الاَتي ‏(‏يوم القيامة‏)‏ قيد به لأن المعتبر بالخير والشر إنما يظهر في ذلك الوقت ‏(‏من أسد الخ‏)‏ متعلق بقوله خير‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏هذا حديث حسن صحيح‏)‏ وأخرجه الشيخان‏.‏

- قوله‏:‏ ‏(‏أخبرنا سفيان‏)‏ هو الثوري ‏(‏عن جامع بن شداد‏)‏ المحاربي أبي صخرة الكوفي ثقة من الخامسة ‏(‏عن صفوان بن محرز‏)‏ بضم الميم وإسكان الحاء المهملة وكسر الراء وبالزاي المنقوطة ابن زياد المازني أو الباهلي ثقة عابد من الرابعة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏جاء نفر من بني تميم‏)‏ يعني وفدهم وكان قدومهم في سنة تسع ‏(‏أبشروا‏)‏ أمر بهمزة قطع من البشارة، والمراد بها أن من أسلم نجا من الخلود في النار ثم بعد ذلك يترتب جزاؤه على وفق عمله إلا أن يعفو الله، وقال الكرماني‏:‏ بشرهم بما يقتضي دخول الجنة حيث عرفهم أصول العقائد التي هي المبدأ والمعاد وما بينهما، قال الحافظ‏:‏ كذا قال وإنما وقع التعريف هنا لأهل اليمن وذلك ظاهر من سياق الحديث انتهى ‏(‏قالوا بشرتنا‏)‏ القائل ذلك منهم الأقرع بن حابس ذكره ابن الجوزي ‏(‏فأعطنا‏)‏ أي من المال ‏(‏فتغير وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم‏)‏ إما للأسف عليهم كيف آثروا الدنيا، وإما لكونه لم يحضره ما يعطيهم فيتألفهم به أو لكل منهما ‏(‏وجاء نفر من أهل اليمن‏)‏ قال الحافظ‏:‏ قد ظهر لي أن المراد بهم نافع بن زيد الحميري مع من وفد معه من أهل حمير ‏(‏اقبلوا البشرى‏)‏ بضم أوله وسكون المعجمة والقصر أي اقبلوا مني ما يقتضي أن تبشروا، وإذا أخذتم به بالجنة كالفقه في الدين والعمل به ‏(‏فلم يقبلها بنو تميم‏)‏ قيل بنو تميم قبلوها حيث قالوا‏:‏ بشرتنا غاية ما في الباب أنهم سألوا شيئاً وأجيب بأنهم لم يقبلوها حيث لم يهتموا بالسؤال عن حقائقها وكيفية المبدأ والمعاد‏.‏ ولم يعتنوا بضبطها وحفظها ولم يسألوا عن موجباتها وعن الموصلات إليها، وقال الطيبي‏:‏ لما لم يكن جل اهتمامهم إلا بشأن الدنيا والاستعطاء دون دينهم، قالوا‏:‏ بشرتنا للتفقه وإنما جئنا للاستعطاء فأعطنا ومن ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ فلم يقبلها بنو تميم ‏(‏قالوا قد قبلنا‏)‏ زاد البخاري في التوحيد‏:‏ جئناك لنتفقه في الدين ولنسألك عن أول هذا الأمر ما كان‏؟‏ قال‏:‏ ‏"‏كان الله ولم يكن شيء قبله وكان عرشه على الماء ثم خلق السمَوات والأرض وكتب في الذكر كل شيء‏"‏ الخ‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏هذا حديث حسن صحيح‏)‏ وأخرجه البخاري والنسائي‏.‏

- قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا أبو أحمد‏)‏ الزبيري ‏(‏أخبرنا سفيان‏)‏ الثوري ‏(‏عن أبيه‏)‏ هو أبو بكرة نفيع بن الحارث بن كلدة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏خير‏)‏ أي يوم القيامة كما في حديث أبي هريرة المتقدم ‏(‏من تميم‏)‏ بن مر بن أد بن طابخة بن الياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان وفيهم بطون كثيرة جداً ‏(‏وأسد‏)‏ أي ابن خزيمة بن مدركة بن الياس بن مضر وكانوا عدداً كثيراً، وقد ظهر مصداق ذلك عقب وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فارتد هؤلاء مع طليحة بن خويلد وارتد بنو تميم أيضاً مع سجاح التي ادعت النبوة ‏(‏وغطفان‏)‏ بفتح الغين المعجمة والطاء المهملة وتخفيف الفاء هو ابن سعد بن قيس غيلان بن مضر ‏(‏وبني عامر بن صعصعة‏)‏ أي ابن معاوية بن بكر بن هوازن بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس عيلان ‏(‏يمد‏)‏ أي يرفع ‏(‏بها‏)‏ أي بهذه الكلمات ‏(‏قال‏)‏ أي رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏(‏هم‏)‏ أي أسلم وغفار ومزينة ‏(‏خير منهم‏)‏ أي من تميم وأسد وغطفان وبني عامر بن صعصعة وإنما كانوا خيراً منهم لأنهم سبقوهم إلى الإسلام والمراد الأكثر الأغلب‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏هذا حديث حسن صحيح‏)‏ وأخرجه الشيخان‏.‏

2192- باب في فضل الشام واليمن

4121- حَدّثَنَا بِشْرُ بنُ آدَمَ بنُ بنت أَزْهَرَ السّمّانِ، حدثني جَدّي أَزْهَرُ السّمّانُ عن ابنِ عَوْنٍ عن نَافِعٍ عن ابنِ عُمَرَ أَنّ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم قالَ‏:‏ ‏"‏اللّهُمّ بَارِكْ لَنَا فِي شَامِنَا‏.‏ اللهُمّ بَارِكْ لَنَا في يَمَنِنَا قالُوا وَفِي نَجْدِنَا‏.‏ قَالَ اللهُمّ بَارِكْ لَنَا فِي شَامِنَا وَبَارِكْ لَنَا في يَمَنِنَا‏.‏ قَالُوا وَفي نَجْدِنَا فَقَالَ اللهُمّ بَارِكْ لَنَا فِي شَامِنَا وَبَارِكْ لَنَا فِي يَمَنِنَا قَالُوا وَفِي نَجْدِنَا قالَ هُنَالِكَ الزّلاَزِلُ وَالْفِتَنُ وبهَا‏.‏ أَوْ قالَ‏:‏ مِنْهَا يَخْرُجُ قَرْنُ الشّيْطَانِ‏"‏‏.‏

قال أبو عيسى‏:‏ هَذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ مِنْ حَدِيثِ ابنِ عَوْنٍ‏.‏ وَقد رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ أَيْضاً عن سَالِمٍ بنِ عَبْدِ اللّهِ بنِ عُمَرَ عن أَبِيهِ عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم‏.‏

4122- حَدّثَنَا مُحمّدُ بنُ بَشّارٍ، أَخبرنا وَهْبُ بنُ جَرِيرٍ، أَخبرنا أَبي قالَ سَمِعْتُ يَحْيىَ بنَ أَيّوبَ يُحَدّثُ عن يَزِيدَ بنِ أَبي حَبِيبٍ عن عَبْدِ الرّحْمَنِ بنِ شِمَاسَةَ عن زَيْدِ بنِ ثَابِتٍ قالَ‏:‏ ‏"‏كُنّا عِنْدَ رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم نُؤَلّفُ الْقُرْآنَ مِنَ الرّقَاعِ، فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏طُوبَى لِلشّامِ‏.‏ فَقُلْنَا لأَيَ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللّهِ‏؟‏ قالَ لأِنّ مَلاَئِكَةَ الرّحْمَنِ بَاسِطَةٌ أَجْنِحَتَها عَلَيْهَا‏"‏‏.‏

قال أبو عيسى‏:‏ هَذا حديثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ إِنّمَا نَعْرِفُهُ مِنْ حَدِيثِ يَحْيَـىَ بنِ أَيّوبَ‏.‏

4123- حَدّثَنَا مُحمّدُ بنُ بَشّارٍ، أَخبرنا أَبُو عَامِرٍ العَقَدِيّ، أَخبرنا هِشَامُ بنُ سَعْدٍ عن سَعِيدِ بنِ أَبي سَعِيدٍ القبري عن أَبي هُرَيْرَةَ عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قالَ‏:‏ ‏"‏لَيَنْتَهِيّنَ أَقْوَامٌ يَفْتَخِرُونَ بِآبَائِهِمْ الّذينَ مَاتُوا إِنّمَا هُمْ فَحْمُ جَهَنّمَ‏.‏ أَوْ لَيَكُونُنّ أَهْوَنَ عَلَى اللّهِ مِنَ الْجُعَلِ الّذِي يُدَهْدِهُ الْخرءَ بِأَنْفِهِ‏.‏ إِنّ اللّهَ قد أَذْهَبَ عَنْكُمْ عُبّيّةَ الْجَاهِلِيّةِ وَفَخْرَهَا بِالاَبَاءِ‏.‏ إِنّمَا هُوَ مُؤْمِنٌ تَقيّ وَفَاجِرٌ شَقيّ‏.‏ النّاسُ كُلّهُمْ بَنُو آدَمَ‏.‏ وآدَمُ خُلِقَ مِنَ تُرَابِ‏"‏‏.‏

قال أبو عيسى‏:‏ وفي البابِ عن ابنِ عُمَرَ وَابنِ عَبّاسٍ‏.‏ قال‏:‏ هَذا حديثٌ حَسَنٌ غريبٌ‏.‏

4124- حَدّثَنَا هَارُونُ بنُ مُوسَى بنِ أَبي عَلْقَمَةَ الفَرَوِيّ المَدَنِيّ قال حَدّثني أَبي عن هِشَامِ بنِ سَعْدٍ عن سَعِيدِ بنِ أَبي سَعِيدٍ عن أَبِيهِ عن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنّ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم قالَ‏:‏ ‏"‏قَدْ أَذْهَبَ اللّهُ عَنْكُمْ عُبّيّةَ الْجَاهِلِيّةِ وَفَخْرَهَا بِالاَبَاءِ‏.‏ مُؤْمِنٌ تَقيّ وَفَاجِر شَقِيّ‏.‏ وَالنّاسُ بَنُو آدَمَ وآدَمُ مِنْ تُرَابٍ‏"‏‏.‏

قال أبو عيسى‏:‏ هذا أصح عندنا من الحديث الأول حديثٌ حسنٌ‏.‏ وَسَعِيدٌ المَقْبرِيّ قَدْ سَمِعَ مِنْ أَبي هُرَيْرَةَ، وَيَرْوِي عَن أَبِيهِ أَشْيَاءَ كَثِيرَةً عن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه‏.‏

وَقَد رَوَى سُفْيَانُ الثّوْرِيّ وَغَيْرُ وَاحِدٍ هَذَا الْحَدِيثَ عن هِشَامِ بنِ سَعْدٍ عن سَعِيدٍ المَقْبُريّ عن أَبي هُرَيْرَةَ عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم نَحْوَ حَدِيثِ أَبي عَامِرٍ عن هِشَامِ بنِ سَعْدٍ‏.‏

آخر المسند و الحمد لله رب العالمين و صلاته و سلامه على سيدنا محمد النبي و آله الطاهرين‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا بشر بن آدم الخ‏)‏ وقع قبل هذا في بعض النسخ باب في فضل الشام واليمن ‏(‏حدثني جدي أزهر‏)‏ بن سعد ‏(‏السمان‏)‏ أبو بكر الباهلي بصري ثقة من التاسعة ‏(‏عن ابن عون‏)‏ اسمه عبد الله بن عون بن أرطبان‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏اللهم بارك لنا في شامنا اللهم بارك في يمننا‏)‏ تقدم وجه تسمية الشام واليمن في باب فضل اليمن‏.‏ والظاهر في وجه تخصيص المكانين بالبركة لأن طعام أهل المدينة مجلوب منهما، وقال الأشرف‏:‏ إنما دعا لهما بالبركة لأن مولده بمكة وهو من اليمن ومسكنه ومدفنه بالمدينة وهي من الشام وناهيك من فضل الناحيتين أن أحداهما مولده والأخرى مدفنه فإنه أضافهما إلى نفسه وأتى بضمير الجمع تعظيماً وكرر الدعاء ‏(‏قالوا‏)‏ أي بعض الصحابة ‏(‏وفي نجدنا‏)‏ عطف تلقين والتماس أي قل وفي نجدنا ليحصل البركة لنا من صوبه أيضاً‏.‏ قال الخطابي‏:‏ نجد من جهة المشرق ومن كان بالمدينة كان نجده بادية العراق نواحيها وهي مشرق أهل المدينة، وأصل النجد ما ارتفع من الأرض وهو خلاف الغور فإنه ما انخفض منها وتهامة كلها من الغور ومكة من تهامة، انتهى‏.‏ قال الحافظ بعد نقل كلام الخطابي هذا وعرف بهذا وهو ما قاله الداودي إن نجداً من ناحية العراق فإنه توهم أن نجداً موضع مخصوص وليس كذلك، بل كل شيء ارتفع بالنسبة إلى ما يليه يسمى المرتفع نجداً والمنخفض غوراً انتهى ‏(‏هنالك‏)‏ أي في نجد ‏(‏الزلازل‏)‏ أي الحسية أو المعنوية وهي تزلزل القلوب واضطراب أهلها ‏(‏والفتن‏)‏ أي البليات والمحن الموجبة لضعف الدين وقلة الديانة فلا يناسبه دعوة البركة له، وقال المهلب‏:‏ إنما ترك صلى الله عليه وسلم الدعاء لأهل المشرق ليضعفوا عن الشر الذي هو موضوع في جهتهم لاستيلاء الشيطان بالفتن ‏(‏وبها أو قال منها‏)‏ شك من الراوي والضمير راجع إلى نجد والتأنيث البقعة ‏(‏يخرج قرن الشيطان‏)‏ أي حزبه وأهل وقته وزمانه وأعوانه ذكره السيوطي، وقيل يحتمل أن يريد بالقرن قوة الشيطان وما يستعين به على الإضلال، وكان أهل المشرق يومئذ أهل كفر فأخبر صلى الله عليه وسلم أن الفتنة تكون من تلك الناحية فكان كما أخبر وأول الفتن كان من قبل المشرق فكان ذلك سبباً للفرقة بين المسلمين وذلك مما يحبه الشيطان ويفرح به وكذلك البدع نشأت من تلك الجهة كذا في فتح الباري‏.‏ وقال العيني في شرح حديث ابن عمر‏:‏ إنه صلى الله عليه وسلم قام إلى جنب المنبر فقال‏:‏ ‏"‏الفتنة ههنا من حيث يطلع قرن الشيطان‏"‏، أو قال ‏"‏قرن الشمس‏"‏ ما لفظه وإنما أشار صلى الله عليه وسلم إلى المشرق لأن أهله يومئذ كانوا أهل كفر فأخبر أن الفتنة تكون من تلك الناحية وكذلك كانت هي وقعة الجمل ووقعة صفين ثم ظهور الخوارج في أرض نجد والعراق وما ورائها من المشرق، وكانت الفتنة الكبرى التي كانت مفتاح فساد ذات البين قتل عثمان رضي الله تعالى عنه، وكان صلى الله عليه وسلم يحذر من ذلك ويعلم به قبل وقوعه وذلك من دلالات نبوته صلى الله عليه وسلم، انتهى‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏هذا حديث حسن صحيح غريب‏)‏ وأخرجه البخاري‏.‏

- قوله‏:‏ ‏(‏سمعت يحيى بن أيوب‏)‏ الغافقي ‏(‏عن عبد الرحمن بن شماسة‏)‏ بكسر الشين المعجمة وتخفيف الميم بعدها سين مهملة المهري المصري ثقة من الثالثة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏نؤلف‏)‏ من التأليف أي نجمع ‏(‏من الرقاع‏)‏ بكسر الراء جمع رقعة وهي ما يكتب فيه ‏(‏طوبى للشام‏)‏ تأنيث أطيب أي راحة وطيب عيش حاصل لها ولأهلها، وقال الطيبي‏:‏ طوبى مصدر من طاب كبشرى وزلفى ومعنى طوبى لك أصبت خيراً وطيباً ‏(‏فقلنا لأي ذلك يا رسول الله‏)‏ قال القاري‏:‏ بتنوين العوض في أي، أي لأي شيء كما في بعض نسخ المصابيح، قال الطيبي‏:‏ كذا في جامع الترمذي على حذف المضاف إليه أي لأي سبب قلت ذلك وقد أثبت في بعض نسخ المصابيح لفظ شيء ‏(‏لأن ملائكة الرحمَن‏)‏ فيه إيماء إلى أن المراد بهم ملائكة الرحمة ‏(‏باسطة أجنحتها عليها‏)‏ أي على بقعة الشام وأهلها بالمحافظة عن الكفر قاله القاري، وقال المناوي‏:‏ أي تحفها وتحولها بإنزال البركة ودفع المهالك والمؤذيات‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏هذا حديث حسن غريب‏)‏ وأخرجه أحمد والحاكم‏.‏

- قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا هشام بن سعد‏)‏ المدني ‏(‏عن سعيد بن أبي سعيد‏)‏ المقبري‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏لينتهين‏)‏ بلام مفتوحة جواب قسم مقدر أي والله ليمتنعن عن الافتخار ‏(‏أقوام يفتخرون بآبائهم الذين ماتوا‏)‏ أي على الكفر وهذا الوصف بيان للواقع لا مفهوم له ولعل وجه ذكره أنه أظهر في توضيح التقبيح، ويؤيده ما رواه أحمد عن أبي ريحانة مرفوعاً‏:‏ من انتسب إلى تسعة آباء كفار يريد بهم عزاً وكرماً كان عاشرهم في النار ‏(‏إنما هم‏)‏ أي آباءهم ‏(‏فحم جهنم‏)‏ قال الطيبي‏:‏ حصر آبائهم على كونهم فحماً من جهنم لا يتعدون ذلك إلى فضيلة يفتخر بها ‏(‏أو ليكونن‏)‏ بضم النون الأولى عطفاً على لينتهين والضمير الفاعل العائد إلى أقوام وهو واو الجمع محذوف من ليكونن والمعنى أو ليصيرن ‏(‏أهون‏)‏ أي أذل ‏(‏على الله‏)‏ أي عنده ‏(‏من الجعل‏)‏ بضم جيم وفتح عين وهو دويبة سوداء تدير الغائط يقال لها الخنفساء فقوله‏:‏ ‏(‏الذي يدهده الخراء‏)‏ أي يدحرجه ‏(‏بأنفه‏)‏ صفة كاشفة له والخراء بكسر الخاء ممدوداً وهو العذرة والحاصل أنه صلى الله عليه وسلم شبه المفتخرين بآبائهم الذين ماتوا في الجاهلية بالجعل، وآباءهم المفتخر بهم بالعذرة، ونفس افتخارهم بهم بالدهدهة بالأنف، والمعنى أن أحد الأمرين واقع البتة إما الانتهاء عن الافتخار أو كونهم أذل عند الله تعالى من الجعل الموصوف ‏(‏إن الله أذهب‏)‏ أي أزال ورفع ‏(‏عُبّـيّة الجاهلية‏)‏ بضم العين المهملة وكسر الموحدة المشددة وفتح التحتية المشددة أي نخوتها وكبرها، قال الخطابي‏:‏ العبية الكبر والنخوة وأصله من العب وهو الثقل يقال‏:‏ عبية وعبية بضم العين وكسرها ‏(‏وفخرها‏)‏ أي افتخار أهل الجاهلية في زمانهم ‏(‏إنما هو‏)‏ أي المفتخر المتكبر بالاَباء ‏(‏مؤمن تقي وفاجر شقي‏)‏ قال الخطابي‏:‏ معناه أن الناس رجلان مؤمن تقي فهو الخير الفاضل وإن لم يكن حسيباً في قومه، وفاجر شقي فهو الدنيء وإن كان في أهله شريفاً رفيعاً، انتهى‏.‏ وقيل معناه‏:‏ إن المفتخر المتكبر إما مؤمن تقي فإذن لا ينبغي له أن يتكبر على أحد أو فاجر شقي فهو ذليل عند الله والذليل لا يستحق التكبر، فالتكبر منفي بكل حال ‏(‏الناس كلهم بنو آدم وآدم خلق من تراب‏)‏ أي فلا يليق بمن أصله التراب النخوة والتجبر أو إذا كان الأصل واحداً فالكل إخوة فلا وجه للتكبر لأن بقية الأمور عارضة لا أصل لها حقيقة، نعم العاقبة للمتقين وهي مبهمة فالخوف أولى للسالك من الاشتغال بهذه المسالك‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وفي الباب عن ابن عمر‏)‏ أخرجه الترمذي في تفسير سورة الحجرات ‏(‏وابن عباس‏)‏ أخرجه أبو داود الطيالسي في مسنده والبيهقي في شعب الإيمان عنه‏:‏ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏"‏لا تفخروا بآبائكم الذين ماتوا في الجاهلية‏.‏ فوالذي نفسي بيده لما يدحرج الجعل بأنفه خير من آبائكم الذين ماتوا في الجاهلية‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏هذا حديث حسن‏)‏ وأخرجه أبو داود وابن حبان‏.‏

- قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا هارون بن موسى بن أبي علقمة‏)‏ عبد الله بن محمد ‏(‏الفروي‏)‏ بفتح الفاء والراء ‏(‏المدني‏)‏ لا بأس به من صغار العاشرة ‏(‏حدثني أبي‏)‏ أي موسى بن أبي علقمة الفروي مولى آل عثمان مجهول من التاسعة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏قد أذهب الله عنكم عبية الجاهلية‏)‏ قال الجزري في النهاية‏:‏ يعني الكبر وتضم عينها وتكسر وهي فعولة أو فعيلة فإن كانت فعولة فهي من التعبية لأن المتكبر ذو تكلف وتعبية خلاف ما يسترسل على سجيته، وإن كانت فعيلة فهي من عباب الماء وهو أوله وارتفاعه، وقيل إن اللام قلبت ياء كما فعلوا في مقتضى البازي، انتهى‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏هذا حديث حسن‏)‏ في سنده موسى بن أبي علقمة وهو مجهول لكن تابعه أبو عامر العقدي وغيره‏.‏

قال العبد الضعيف محمد بن عبد الرحمن المباركفوري عفا الله تعالى عنه‏:‏ قد فرغنا بعونه تعالى و حسن توفيقه من تصنيف شرح الجامع للترمذي المسمى بتحفة الأحوذي فالحمد لله على ما أنعم علينا به من شرح صدرنا لشرح هذا الكتاب المستطاب المبارك‏.‏ اللهم انا نسألك أن تجعله خالصاً لوجهك الكريم و تعفو عما وقع فيه من الخطأ و الزلل إنك عفو غفور رحيم‏.‏ ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم، و اغفر لى و لوالدي و لشيوخي و لأساتذتي و لسائر المسلمين‏.‏ وصلى الله تعالى على خير خلقه محمد وآله و أصحابه أجمعين‏.‏ وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين‏.‏